زياد الرحباني يمزج الاختلاف والوجع الساخر في الموسيقى والمسرح العربي
في مسرح الجمهورية، حضرتُ أمس العرض الأوبرتي “الباروكة” المستلهم من تراث سيد درويش، حيث تبادلت الأفكار حول غياب هذا النوع من المسرحيات في الساحة العربية، بينما أتذكر أعمال زياد الرحباني المسرحية الغنائية بشوق وفي الصباح جاءني الخبر كالصاعقة: زياد الرحباني ودعنا.
برحيله، فقدنا رمزاً للفن العربي، شخصية تميزت بتمردها وإبداعها المتفرد زياد لم يكن مجرد فنان يكرر ما هو مألوف، بل كان مشروعاً فنياً متكاملاً، يغني آلام الناس بنوتات تمزج بين الجاز والبلوز والموسيقى الشرقية.
موسيقى سابقة لعصرها
وُلد زياد الرحباني في عام 1956 في بيئة فنية بامتياز، ابن فيروز وعاصي الرحباني لكنه قرر شق طريقه الخاص بعيداً عن الموروث، مقدماً موسيقى حديثة أبهرت جمهوره بدمجها الفريد قدم مجموعة من الأغاني التي أصبحت أيقونية في عالم الموسيقى العربية، مثل “بما إنو” و”شو بخاف”؛ حيث عبّرت هذه الأعمال عن حالات وجدانية صادقة.
إبداعات مسرحية لا تُنسى
إبداع زياد لم يكن مقصوراً على الموسيقى، بل انطلق في عالم المسرح الغنائي أيضاً، مقدماً أعمالاً مثل “سهرية”، “نزل السرور”، و”فيلم أميركي طويل” عبر نصوصه المسرحية، استطاع كشف زيف الواقع السياسي باستخدام سخرية عبقرية ونقد لاذع.
زياد لم يكن مجرد فنان، بل مثقف وصاحب فكر يساري، غالبًا ما أثار الجدل بمواقفه الجريئة. ترك وراءه إرثاً يتجاوز حدود الأغنية ليصل إلى مكانة مرموقة في الفن العربي، مُلهمًا أجيالًا من الفنانين الشباب ليعيدوا التفكير في حدود الموسيقى والمسرح.
زياد الرحباني لم يكن مجرد اسم، بل حالة فنية وتأمل سياسي واجتماعي، وغناء يحمل في طياته ألم الناس وآمالهم هو ضوء لم ينطفئ، وإرثه سيبقى قائماً في ذاكرة الفن العربي.