مستويات التناص وآلياته ومعنى التناص في البلاغة

التناص مبني على ربط النصوص الأدبية من باب إدخال نص أدبي مع نص آخر، ويكون مرتبط بوجود علاقات بين النصوص المختلفة، يحتوي على بعض المستويات له معنى مميز في البلاغة، ومن خلال موقع لحظات نيوز سوف نشارك معكم مستويات التناص وآلياته ومعنى التناص في البلاغة مع بعض المعلومات المميزة حوله.
مستويات التناص
يحتوي التناص على بعض المستويات التي سوف نتعرف عليها وهي كما يلي:
1- التناص في الشكل والمضمون
يكون التناص على مستوى الشكل ومتعلق بالتراكيب اللغوية والجمل، أما في مستوى المضمون فهو يعني ما يتضمنه النص من استعارة وتشبيه بالإضافة إلى العديد من الأفكار المختلفة التي يعكسها الكاتب ويعبر عنها بطريقته.
اقرأ أيضًا: ما هو علم البلاغة وما هي أنواعه
2- التناص الداخلي والخارجي
يتمثل في تناص الكاتب مع ذاته في نفس النص أو تكرار نفس الكلمة في أكثر من نص، أما التناص الخارجي هو التماثل والتشابه الذي يكون بين النصوص المختلفة ولا تعود هذه النصوص إلى نفس الكاتب.
3- التناص الإجباري والاختياري
وهو ما يعرف بتناص النفي حيث أنه يكون في المعارضة من قبل الكاتب ويكون لديه نص هو نموذج أو فكرة لهذه المعارضة، وهذا الأمر يتناص مع من يعارض حتى ولو لم يكن تناص حرفي ولكنه يشترك في الفكرة والمضمون، أما النقيض هو الذي يأتي ليهدم النص بالفكرة التي تخص الكاتب الجديد وتعيد بناءه.
معنى التناص في البلاغة
التناص في البلاغة هو علاقة تربط بين النص الأدبي مع النص الأخر، كذلك يعرف التناص بأنه استحضار نص أدبي داخل أخر حيث يكون التناص مرتبط بوجود علاقات بين النصوص المختلفة.
يكون التناص قائم على فكرة أنه لا يوجد نص أدبي قد جاء من العدم فكب نص هو قائم على نص أخر.
أصول التناص في الأدب العربي
التناص هو مصطلح ظهر حديثًا لكن الفكرة كانت موجودة في الشعر العربي منذ زمنن حيث عبر الشعراء عنها بطريقتهم، حيث قال عنترة بن شداد في معلقته هذه الأبيات التالية:
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم
وقال كعب بن زهير بعض الأبيات التي توضح أن الشعراء عرفوا التناص قديمًا وهي الأبيات الآتية:
ما أرانا نقول إلا معادا
أو كلاما من قولنا مكرورا
وهو الذي ردده أبو تمام في قوله:
يقول من تقرع أسماعه
كم ترك الأول للآخرِ
خصائص التناص في الأدب العربي
ينقسم التناص في الأدب العربي إلى نصفين هما ما يلي:
1- التناص المباشر
ينقسم التناص المباشر إلى عدة أقسام هي ما يلي:
- التناص التاريخي: هو تداخل نصوص تاريخية مختارة مع النص الأصلي للأديب وتنسجم مع الحديث الذي يذكره الأديب.
- التناص الديني: هي التداخل بين النص الأدبي للأديب مع الاقتباسات الدينية من القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف حتى يصل إلى الانسجام.
- التناص الأدبي: هو تداخل نصوص أدبية سواء كانت قديمة أو جديدة سواء كانت نثر أو شعر.
- تناص الأدب الشعبي: تداخل فيه النصوص مع الأمثلة الشعبية والأغاني والقصص والأساطير وتنسجم في السياق وتؤدي غرض فني وفكري.
اقرأ أيضًا: أمثلة على التشبيه في البلاغة | ما هي البلاغة في اللغة العربية
2- التناص الغير مباشر
يكون التناص الغير مباشر على النحو التالي:
- تناص الأفكار والمعاني: يتضمن نص الأديب تناصات غير مباشرة أو مصرح بها ويكون من الصعب تحديد الأفكار فيها.
- تناص اللغة والأسلوب: هي الأساليب التي يضيفها الأديب إلى النص ولا يتأثر أسلوبه بها بل تكون مستحضرة فقط.
أمثلة عن التناص في الشعر
يشمل التناص العديد من الأمثلة في العديد من الجوانب منها ما يلي:
تناص من القرآن الكريم
يعتمد الكثير من الشعراء على القرآن الكريم في التناص حيث يعتمد العديد من الشعراء على استقطاب المعاني من القرآن الكريم.
حيث تناص أحد الشعراء عن حالة الغربة التي يعيشها من قوله سبحانه وتعالى “من شر الوسواس الخناس” حيث قال:
سأرتِّبُ عادتي في هذا البردُ المُوحشُ
وتكونُ في الصّحراءِ ملاذًا
حينَ عواصمهم تلقاكَ
بوجهٍ وسواسٍ خنّاس
قال هذه الأبيات الشاعر عز الدين مناصرة وهو يصور الوحدة التي يعيشها الفلسطيني حينما تتنكر له العواصم وتحتل روحه الغربة كما تم احتلال وطنه.
التناص من الحديث النبوي الشريف
يظهر هذا النوع في قول الشاعر ابن الشهيد عندما قال:
عَليهِ حَفيفٌ للملائِكِ أقبَلتْ
تُصافِحُ شَيخًا ذاكِر اللهِ تائِبًا
كان هذا التناص من الحديث الذي أخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: “أن لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده“.
اقرأ أيضًا: إليك أمثلة على التورية في البلاغة
التناص التاريخي
يستحضر الشاعر في هذا النمط الشخصيات التاريخية والمواقع ذات الأهمية ويعمل على ربط ذلك بالواقع وهذا ما تناص به الشاعر راشد حسين في استحضار شخصية صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين وتحرير مدينة القدس وعمل على ربط ذلك بانتصار العرب عام 1973 حين قال:
في اليوم السّادس من تشرين
في قلبِ دمشق
وُلدتْ ثانية حطّين
في اليوم السّابع من تشرين
قصفوا أطفال دمشق
لكن؛ كبر الأطفال سنين
كبرت … حتّى الأشجار
هنا قام الشاعر بربط موقف في الحاضر بمعركة تاريخية في الماضي
في نهاية هذا المقال نكون قد تعرفنا على التناص جيدًا وأساليب التناص المميزة في ربط المواضيع المختلفة وطرح الأفكار بطريقة شيقة جدًا، حيث تناولنا في هذا المقال موضوع التناص بكافة جانبه المختلفة وأساليبه وأصله في اللغة العربية وفي الشعر العربي وما الذي قد اشتق منه التناص.