قصة الزير سالم… قصة حقيقية

تعد قصة الزير سالم الحقيقية التي تداولها الكثير من المؤرخين، أنها لا تعتبر من الأساطير الخيالية التي ابتكرتها العقول، ولكنها وجدت الأشعار الخاصة بها في الكتب الأدبية، حيث قاموا بعض من المؤرخين بالاعتماد عليها في شواهدهم النحوية، لأن القصة حقيقة من الممتع قراءتها والاستفادة منها ومعرفة أحدثها لتزويد المعلومات التاريخية،
قصة الزير سالم
كبر كليب أخو الزير سالم زعيم قبيلة ربيعة، وكان يحب ابنة عمه جليلة كثيرا، حيث أن أباها قام بتزويجها الملك التبع، بعد أن أهدى قبيلتها صناديق مملوءة بالذهب فطمع أبيها وزوجها له، وعلى إثر ذلك قرر كليب جمع شباب القبيلة، واختبأوا في صناديق تحمل متاع العروس جليلة، وعندما وصلوا إلى القصر، خرجوا منها فقتلوا الملك ليلاً، ويجب أن نذكر أن الزير سالم كان في تلك الفترة طفلاً صغيراً.
عاد كليب بجليلة للقبيلة من جديد، وتزوجها بعد ذلك، غير أن أخاها جساس كان يشعر بغيظ من كليب لسطوته التي لا تحتمل، إلى أن جاء يوم تركت فيه البسوس -التي هي خالة جساس- ناقتها للرعي مع إبل جساس، حتى رأها كليب الذي كان لا يسمح لأحد أن يقترب من الرعي، فسدد نحوها سهما أصابها به فوقعت قتيلة.
وفي رأي آخر يقولون أن هذه الناقة كانت لضيف نزل عند البسوس، فصرخت حين علمت بمقتلها لِما كان يعينه التعدي على ممتلكات الضيف من ذل وعار، فقال لها جساس: اسكتي فإني سأقتل بها والذي هو فحل إبل كليب، وعلى ذلك بدأ ترصد جسّاس لكليب هذا.
مقتل كليب مضرم الحرب
ازدادت الأحقاد بفعل سطوة كليب وأفعاله حتى بلغ السيل يوم خرجت مجموعة من النساء لموارد الماء فمنعهم عنها كليب، وكان معهن مجموعة من الفرسان لحمايتهن، وكان منهم جساس وعمرو بن الحارث اللذان تلاسن مع كليب بعد أن تذكر قصة ناقة البسوس مما أثار الحمية في دم الجساس ودفعه للطعن كليب حتى قتله.
فطلب كليب من الجساس شربة بعض من الماء وهو يعاني سكرات الموت، ليترجل عمرو بن الحارث عن حصانه ويجهز عليه ويذهب سريعا به، علم جساس أن ما قام به أمر كبير سيشعل نيران حرب لن يطفئها احد، فجاء أهله وكشف عن ركبته، وأخبرهم بما فعل، فتسابق الناس بالأخبار لإيصالها لهمام ونديمه الزير الذي قام بدفن أخيه ورثاه لسنواتٍ طوال ظن الناس فيها أنه نسي ثأره.
الأخذ بالثأر
إلى أن غضب الزير فرجعوا إلى الديار، لينتبه الزير بعدها للحرب ويجمع حوله من عرف من فرسان وقادة عظماء، ويشمّر عن ذراعيه، فجز شعره وقصر ثوبه وحلف ألا يتناول خمراً، أو يدهن بدهن، أو يشم طيباً قبل أن يأخذ بثأره.
وأثناء الحرب خاضت القبيلتان على إثر مقتل كليب حروباً عدة عانت فيها النساء والأطفال وحتى الرجال من كثرة الحروب والخسائر التي يعد ولا يحصى، حيث انقسمت فيها قبائل بكر بين مؤيد ومعارض، وقد استمرت هذه الحرب أربعين سنة دارت فيها وقائع عدة توقظها الشحناء والبغضاء، ويضربها لقاء البكري التغلبي.
وكان من أبرز تلك الوقعات خمسة التي حدثت، هما: يوم الذنائب وفيه قتل همام بن مرة ويوم الواردات، ويوم عنيزة، ويوم القصيبات، ويوم تحلاق اللمم، ولم تنتهي فيهم الحرب رغم تدخل الكثير من القبائل لإطفاء نارها.
تابع المزيد: قصة حب قيس وليلى
ثأر الزير سالم
وفي نهاية القصة لم يعد المهلهل ذلك الفارس المغوار الذي يحرك جيوشاً ويحرضهم على الأخذ بالثأر بكلمة منه، خاصة وأن القبائل كانت قد أنهكتها الحرب فلجأت إلى الصلح، إلا أنَ المهلهل عاد ونقضه عندما أغار على قيس بن ثعلبة، فظفر به عمرو بن مالك فأسره وأحسن إليه، إلى أن سمعه يردد شعراً في بنته مرةً وهو مخمور لأنه يحبها، فأقسم إلا يعطيه من الماء شربة حتى يرِد الخضير، والخضير بعير لا يرِد الماء إلا في اليوم السابع.
فلم يرد إلا وقد هلك المهلهل بالفعل ومات، ويشار في رواية أخرى إلى أن الزير لقي مصرعه على يد اثنين من عبيده اللذين كانا قد وضعا لخدمته أثناء سفرها معه أثناء رحله الحرب، فكانت بذلك نهاية من أفنى عمره في طلب الثأر وتتبع طريق الموت حتى طاله، أما جساس فقد قتل على يد الهجرس بن كليب من زوجته جليلة في ضربة رمح غرِز في صدره فخرج من ظهره، بعد أن تمكنت من الشاب عصبية الجاهلية التي تدعو إلى الثأر حتى أنسته رابطة الدم التي تجمعه بخاله.
وختاما في نهاية قصة الزير سالم تعتبر قصة حقيقة وأحداثها من ارض الواقع وتعد قراءتها ممتعة جدا للتعارف على أحداث التاريخ القديم.