ما هو مفهوم رؤية العالم عند غولدمان

لوسيان غولدمان هو ناقد ترك أعمالًا لها أثر في مسيرة النقد الأدبي المعاصر، فما هي رؤية العالم عند غولدمان، حيث إن فهم الأعمال الأدبية يحتاج إلى النظر في المهاد الاجتماعي والأيديولوجي الذي ينتمي إليه مؤلفو تلك الأعمال، من أجل حكم رؤية العالم التي تسفر عنها، من خلال موقع لحظات نيوز نتعرف على مفهوم العالم من ناحية نظرته العلمية.
مفهوم البنيوية التكوينية

البنيوية التكوينية هي منهج نقدي طوره غولدمان كمنهج متفرعًا من البنيوية، ومفهومي البنية والتكوين هما الأساس الذي يقوم عليه هذا المنهج، أطلق عليه العرب عدة مسميات وهي البنيوية التكوينية والبنيوية التركيبية والبنيوية التوليدية إلا ان مصطلح البنيوية التكوينية هو ما شاع استخدامه عند النقاد العرب.
درس غولدمان في البنية التكوينية التشابه بين بنية العمل الأدبي وبنية الأنماط الاجتماعية والأيدولوجية التي تحيط بالكاتب وبالعمل، ومن خلال هذا التشابه تم تكوين أساسًا لقراءة واستيعاب العمل الأدبي.
كما أن هذه البنية التكوينية تمد جسرًا بين علم الاجتماع وعلم النفس حيث أنها لا تنفي تدخل عامل اللاوعي الفردي في بناء العالم الروائي والإبداعي.
كما أن الفكر البنيوي يستند على كون كل تفكير العلوم الإنسانية يتم من داخل المجتمع لا من خارجه، وبأنه جزء من الحياة الفكرية لهذا المجتمع، وبالتالي فهو جزء من الحياة الاجتماعية.
شاهد أيضًا: مفهوم المواطنة الفاعلة .. درس المواطنة الفاعلة صف سابع
مرتكزات البنيوية التكوينية
قام غولدمان بتحديد نوع العلاقة بين الحياة الاجتماعية والإبداع الأدبي أنها علاقة جوهرية قائمة على أساس التماثل الموجود بين النص الأدبي وعلاقته بالبنيات الذهنية لطبقة أو فئة اجتماعية، حيث إن هذه البنيات الذهنية ليست ظواهر فردية وإنما هي ظواهر اجتماعية لا تتعلق بمستوى المفهوم أو المضمون أو النوايا الشعورية أو أيديولوجيا المبدع، وإنما تتعلق بما يرى وبما يحس.
كما ارتكزت البنيوية التكوينية عند لوسيان غولدمان على خمسة معالم رئيسية في مقاربتها للنصوص الأدبية وهي:
- رؤية العالم.
- الفهم والتفسير.
- البنية الدالة.
- الوعي القائم والوعي الممكن.
- التماثل أو التناظر.
شاهد أيضًا: مفهوم علم الاجتماع الرياضي وبحوث جاهزة في علم الاجتماع الرياضي
شاهد أيضًا: مفهوم اللاوعي في الفلسفة والفرق بين الوعي واللاوعي
رؤية العالم عند غولدمان
مفهوم رؤية العالم هو أحد المرتكزات المهمة التي تبنى عليها البنيوية التكوينية كما صاغ ذلك غولدمان، واستخدم الكثير من المفكرين السابقين له هذا المفهوم.
عرف غولدمان رؤية العالم أنها مجموعة من التطلعات والإحساسات والأفكار التي توحد أعضاء مجموعة أو طبقة اجتماعية وتجعلهم في تعارض مع المجموعات أو الطبقات الأخرى.
يؤكد غولدمان أن رؤية العالم ليست واقعة فردية لأن الفرد المبدع لا يخلق بنية فكرية منسجمة من تلقاء نفسه ولكن يبلورها بشكل واضح ويرتقي بها درجة عالية من الانسجام حتى ترقى إلى مستوى الابداع الخيالي، ويعبر المبدع عن أفكار ومشاعر مجموعة أو طبقة معينة من خلال الواقعة الاجتماعية.
طبق غولدمان هذا المفهوم النظري عن رؤية العالم في دراسته لأعمال باسكال ومسرح الجانسييه لراسبن مؤكدًا على أهمية اللغة لأن الرؤية للعالم هي رؤية ماثلة في النص كلغة للكشف عن بنية وهيكلة النص وتحليل لغته.
فلا يهم ما يعكسه النص الأدبي عن صاحبه ولكن يهم ما يعكسه النص من خلال تفسير تلك الرؤية وكشفها عن المجتمع وعن صراع طبقاته وتحولاته وعن التغيير الاجتماعي وهذا ما يجعل النص يتسم بالعبقرية والتقدمية.
تتميز رؤية العالم عند غولدمان بالشمولية والانسجام أو التماسك، حيث لا يمكن فهم الجزء إلا في إطار الكل، وأكد بذلك غولدمان أن رؤية العالم هي وجهة نظر متماسكة وموحدة لا تتجاوز حدود الوعي الجمعي.
قام غولدمان بتطوير منهج البنيوية التكوينية الذي اتصل به مفهومًا سبقه وأسس له، وهو مفهوم رؤية العالم الذي يصف ما تسفر عنه دراسة أعمال أدبية لكتاب ينتمون إلى جماعة من المفكرين تتأثر بانتماءاتها الطبقية والأيديولوجية.